بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

الصحراء والفيضان الكبير


تقتصر هذه الدراسة على تداعيات التغيّرات المناخية وتأثيرها على السواحل الليبية : فالدراسات والشواهد تدل بأن انتشار التصحر والجفاف هما الظاهرتين الرئيسيتين المهددتين لمناطق شمال افريقيا . كذلك تتضمن الدراسة طرح مسألة تخوف البعض من ارتفاع منسوب مياه البحر نتيجة ذوبان جليد القطبين وحدوث فياضانات هائلة تعم أجزاء واسعة من المعمورة وتتدفق المياه لتغرق سواحل شمال افريقيا وتطال جزءا شاسعا من الصحراء الكبرى داخل الأراضى الليبية وما تحدثه من تغيرات بيئية وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية. كذلك سوف نتعرض الى أهمية هذه الصحراء الحارقة القاحلة وسوف نرى كيف أنها الدخر الوحيد المتبقى لدينا بعد انتهاء مرحلة النفط .



مقدمة:
استجابة الى طلب هذه الصحيفة ، يسرنى أن أضع هذه الدراسة الأولية المتواضعة فى متناول القراء الكرام لالقاء الضوء على مخاطر وأهمية بعض المشاريع التى سبق وأن اقترحت أو أن تطرح مستقبلا سواء كانت تلك مشاريع تنموية كاحياء جزء من الصحراء الكبرى كجلب مياه البحرفى بحيرة أو بحيرات داخل الأراضى الصحراوية أو فى مواجهة التغيّرات المناخية المتوقعة حيث أن أحدها قد نشر بهذه الصحيفة فى فترة سابقة.

لقد تطرق المقال بأن أجزاء من الصحراء الكبرى الواقعة ضمن الأراضى الليبية قد تستخدم أو أن تكون عرضة لمخاطر الفيضان الكبير المنتظر بسبب ذوبان جليد القطبين الجنوبى والشمالىنتيجة التغيرات المناخية التى يمكن أن تطرأ على مستوى شاسع من الكرة الأرضية . هنا، أود أن أضع بعض الحقائق العلمية المتعلقة بهذا الموضوع للتمعن والتبصر من قبل القراء الكرام كذلك نتعرضالى أزمة الطاقة المتوقعة قرب انتهاء مرحلة النفط الزاهرة والبدائل المطروحة والحلول الممكنة.


2. الصحراء :تعرّف الصحراء بتلك الأراضى التى ناذرا ما تمطرالسماء عليها وبلغة أكثر دقة هي تلك المناطق التى تستلم أقل من 250 مم من الامطار سنويا وتفقد ماءها عن طريق مستويات التبخّر العالية بمعدل أكبر مما تستلمه من أمطار. مثل هذه المناطق تعانى نقصا مستمرا فى الرطوبة وبذلك فالمناخ قارى شديد الحرارة بالنهار كما أنه شديد البرودة فى الليل . من هنا تأتى احدى أهميات وجود بخار الماء بالغلاف الجوى حيث أنه يحافظ عل التوازن الحرارى كأحد غازات البيوت الخضراء (GHGs) ويقلل من فروق درجات الحرارة بين الليل والنهار ويجعل الحياة أقل صعوبة.
تكوّن صحارى العالم حوالي 33% من سطح اليابسة وتتصدر الصحراء الكبرى المرتبة الثالثة ضمن أكبر ثلاث صحارى فى العالم :

· صحراء الدائرة القطبية الجنوبية: شديدة البرودة تنخفض فيها درجة الحرارة الى ما دون الستين(60) درجة مئوية تحت الصفرومساحتها 14 مليون كيلومترا مربعا.
سجلت محطة فوستك (Vostok) الروسية أدنى درجة حرارة بالمنطقة وبالتالى أدنى درجة حرارة سجلت فى العالم حيث بلغت 89.2 درجة مئوية تحت الصفر والقارة القطبية هو المكان الوحيد الذى يمكن لك السفر اليه دون جواز سفر ووجوب حصولك عل تأشيرة دخول حيث أن القارة لا صبغة سياسية لها.
· صحراء الدائرة القطبية الشمالية: شديدة البرودة أيضا تنخفض فيها درجة الحرارة الى ما دون الأربعين(40) تحت الصفر ومساحتها أقل بقليل من الدائرة القطبية الجنوبية.

· الصحراء الكبرى: شديدة الحرارة تصل فيها درجة الحرارة الى الخمسين(50) درجة مئوية فوق الصفرأو ما دونها بقليل ومساحتها تسعة (9) مليون كيلومترا مربعا وتقع معظم الأراضى الليبية ضمن هذه الصحراء.
عند الرجوع الى الماضى أى ما قبل (10500) سنة نجد أن الصحراء الكبرى كانت مناطق خضراء تكسوها الغابات الكثيفة شبيهة بالمناطق الواقعة تحت تأثير منطقة التقارب المدارية (ITCZ) فى التاريخ المعاصر.



3. المصادر الرئيسية للأمطار ومستويات التبخر:
ينحصر سقوط الأمطار على الشريط الساحلى خلال فترة الشتاء وتدل تسجيلات الأمطار بأنها تتناقص عما كانت عليه خلال الحقب الزمنية السابقة فعند مقارنة موسم أمطار سنة (2009-2010) بأمطار الثلاثين سنة الماضية لا نجدها تتجاوز 40% فى مجملها عدا فى بعض من المناطق تصل فى أقصاها الى 66%. يرجى الاطلاع على نشرة الأمطار الشهرية الصادرة عن ادارة المناخ والآرصاد الزراعبة بالمركز الوطنى للأرصاد الجوية. كذلك اذا ما تفحصنا مجموع كميات الأمطارالمسجلة خلال فترة ثلاثين سنة (1931-1960) نجد أنها لا تتجاوز 400 مم سنويا تصل فى أقصاها الى 600 مم وفى عمق لا يتجاوز مئتي كيلومتر من ساحل البحر.
تصنف مناطق أمطار ما فوق 250 مم بأنها مناطق شبه جافة والتى تقع هذه ضمن الشريط الضيق للسواحل الليبية وتقل الأمطارفيها تدريجيا كلما اتجهنا جنوبا لتقع بقية المناطق ضمن الصحراء الكبرى حيث لا أمطار تذكر هناك أو لا أمطار اطلاقا للعديد من السنوات .


يعتقد البعض بأن وجود البحر الأبيض المتوسط هو سبب رئيسي فى هطول الأمطار على سواحل شمال اقريقيا وهذا اعتقاد خاطئ حيث أن سقوط الأمطار على هذه السواحل يرجع وبصورة رئيسية الى عاملين رئيسيين :

· عبور المنخفضات الجوية القادمة من المحيط الأطلسى وتعتمد شدة أمطارها وكمياتها على عمق هذه المنخفضات وسرعة عبورها ومسارها
· المصدر الآخر للأمطار وهو أقل أهمية من منخفضات الأطلسى العابرة هو انحصار الهواء البارد فى شبه بحيرة من الهواء مغلقة ( Cold Pool) فى طبقات الجو العليا عند انسياب تيار هواء بارد من المناطق الشمالية فى أوروبا ليستقر فوق البحر المتوسط. مثل هذه البحيرات الهوائية الباردة المغلقة فى طبقات الجو العليا تلعب دور المنخفض الجوى وغالبا ما تكون ذات أمطار غزيرة ومستمرة نسبيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق